أنا أيها الأخوة أحب الشعر العربي .. وهويتنا في الأصل الكلمة العربية التي هي حبة اللؤلؤ التي ينتظم منها أي عمل فني .. والشعر ديوان العرب .. والغزل هو أغنى مجال خاض في الشعراء.. إن الأقدمين كانوا يبدؤون كل قصائدهم حتى التي كانت تصف القتال والمعارك بأبيات من الغزل ..ومن أراد أن يعرف مكانة المرأة عند العرب فليقرأ أشعار الغزل .
سمعت بيتاً من الشعر قاله صديق.. يقول
وأمطرتْ لؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ *** ورداً وعضت على العُنابِ بالبردِ
أعجبني كثيراً وطربت لما فيه من صور جمالية حية جداً جداً .. وكأنه لوحة فنية تنبض بالحياة ضمَّنه الشاعر ما أحسه قلبه واستنطقت به نفسه وهو يصف ما ألم بمحبوبته عندما علمت بما أصاب حبيبها من سقم ومرض .. فخرجت منه هذه الكلمات الحية ..
دموع المحبوبة حبات من اللؤلؤ نبعت من عينيها النرجسيتين فسقت الدموع ورد خديها بينما هي تعضض أسفاً بأسنانها البيضاء كحب البرد على شفتها الحمراء كالعناب...
تتبعت هذا البيت بحثاً عن قائله والقصيدة التي هو جزء مبناها .. حتى عثرت عليها قصيدة من وضع يزيد بن معاوية .. الذي ما عرفته شاعراً !!! .. ضمن الشاعر القصيدة نبض حبه وخلاصة روحه بذلاً وإجلالاً لمحبوبته .. فرسمت القصيدة صورة امرأة من أسرة كريمة شريفة رائعة الحسن ذات قلب رقيق تصونه الكرامة والعفة..
وقد أحببت أن يشاركني الأخوة في المنتدى الاستمتاع بهذه اللوحة الرائعة
يصف الشاعر محبوبته فيقول
:
نالت عـلى يـدها مـا لم تنـله يـدي
نقـشاً على معـصمٍ أوهتْ بــهِ جَلَدِي
كأنـه طُـرقُ نـملٍ في أناملـها
أو روضـة رصَّـعتْها السـحب بالـبردِ
وقوسُ حاجـبها من كـلِّ ناحــيةٍ
ونَبْـلُ مقـلتـها ترمي به كــبدي
مـدَّت مواشـطها في كـفِّها شـركاً
تصـيد قلبي به من داخل الجــسدِ
أنيـسةٌ لو رأتها الشمس ما طَلـعَتْ
من بعدِ رؤيـتها يومـاً على أحـدِ
سألتها الوصْـلِ قالت : لا تُـغَـرَّ بنا
مَـنْ رام منَّـا وصالاً مات بالكَمـدِ
فكم قـتيلٍ لنا بالحـبِ مات جـوىً
من الغرامِ ولـم يُـبدىء ولـم يُعِـدِ
فقلتُ : استغفرُ الرحـمنَ من زلـلٍ
إن المُـحبَ قـليل الصـبر والجَـلَدِ
قد خلَّـفَـتني طـريحاً وهـي قائلةً
تأمَّـلوا كيف فِـعْـل الظبي بالأسدِ
قالت لطيفِ خيالٍ زارني ومضى :
بالله صفْـهُ ولا تنـقصْ ولا تـزدِ
فقال: خلّـفْـتُه لو ماتَ من ظمأٍ وقلتِ:
قـفْ عـن ورودِ الماءِ لـم يَـردِ
قالت : " صدقتَ الوفا في الحبِ شيمته"
يا بَرْدَ ذاكَ الذي قالتْ على كبدي
واسترجعت سألت عني فقـيل لها :
ما فيهِ من رَمَـقٍ ، دقّتْ يداً بيـدٍ
وأمطرتْ لؤلؤاً من نرجـسٍ وسـقتْ
ورداً وعضّـَتْ على العُـنابِ بالبَـرَ دِ
وأنشـدتْ بلـسان الحـال قـائـلةً
من غـير كُـرْهٍ ولا مطلٍ ولا مددِ
والله ما حـزنت أخـتٌ لفقـد أخٍ
حزنـي عليه ، ولا أم ٌ عـلى ولـدِ
إن يحـسدوني على موتى فوا أسفي
حتى على الـموت لا أخلو من الحسدِ
أتمنى أن تعجب هذه الأبيات الأخوة الأفاضل .. وادعوا الجميع للمشاركة تعليقاً أو إضافة بما يعجبون به من أشعار الغزل